بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الجليل
﴿ محمد الصلحي عثمان عربي ﴾
هو محمد ابن القاضي عثمان بن الشيخ الجليل القاضي عربي احمد كنين الهواري. لقب بالصلحي وذلك لبوادر الصلاح التي ظهرت علية منذ ولادته, حيث ان عمته كانت قد اخذته لينام معها وهو طفل فطيم فاخبرت بانه كان يوقظها لصلاة الصبح عند سماع الآذان وهو لم يتعلم النطق بعد. هو من اساتذة معهد امدرمان العلمي الكبار, و من المؤسسين له والذين وضعوا اللبنات الاولى للقسم العالي بالمعهد (اساس نشأة جامعة امدرمان الاسلامية الحالية).
ميلاده ونشأته :
من المرجح ان الشيخ محمد الصلحي ولد عام 1872 م بمدينة الابيض ثم ارتحل مع والده عبر الدويم ثم بالمراكب وهو صغير السن الى مدينة امدرمان . بدأ حياته العملية وهو يافع في متاجر تصنيع الملابس الرجالية وقد استهوته هذه المهنة لما كانت تتميز به من حس جمالي في روعة الابداع والتصميم.
خلفياته الدينية:
• والده هو القاضي عثمان عربي , كان قاضي فقيه عالم باصول الدين ,كان يدرس العلوم الدينية قبل الثورة المهدية وكان المستشار القضائي للامام المهدي بعد ذلك و كان ينوي ان يعينه قاضي القضاة لولا وفاة الامام المهدي المبكرة بعد الثورة المهدية.
• جده هو الامام العالم الجليل القاضي عربي احمد كنين الهواري الذي تولى رئاسة القضاء و إماماً للفتوى الشرعية عام 1793م في عهد السطان محمد الفضل وكانت له صلات قوية ورسائل مع شيوخ وائمة في جميع مناحي العالم الاسلامي المختلفة منهم الشيخ احمد ابن ادريس الادريسي استاذ وشيخ ( السيد محمد عثمان الختم مؤسس الطريقة الختمية و والد السيد الحسن ) و الذي كان يتبادل معه الرساثل لمناقشة المسائل الفقهية. وقيل في حق القاضي عربي انه «كان إماما عالما حافظا متفننا في علمي الأصول والعربية وعلم الكلام والبيان، فصيح اللسان، صحيح النظر، قوي الحجة، عالما بالحديث، له أهلية الترجيح بين الأقوال، لم يكن في بلده في وقته مثله، وولي القضاء، فكان قائما بالحق، ذابا عن الشريعة، شديدا على الولاة، صارما مهيبا، لا تأخذه في الحق لومة لائم». كما عرف بانه فقيه ومتصوف ومؤرخ حجة في الأنساب . . اما جداته من النساء فهن: والدة ابيه عثمان هي( الشريفة ام كنن) اخت ادريس ارباب العقائد ووالدة جده القاضي عربي هي ( السيدة حفصة ) ابنة الشيخ المحسي الجليل حماد البيتي .
تلقيه العلم وشيوخه :
• بدأ بتلقي العلم على يد اخيه الاكبر الفقيه القاضي الباقرعثمان عربي ( الذي لم يكن يرضى لاخيه ان يمتهن تصنيع الملابس ويترك مهنة الاجداد) فكان يلاحقه دائما ويامره بالاتجاه لتلقي العلوم الدينية والتفقه فيها, شأنه شِان آباءه وأخوته وابناء عمومته. وبدأ بتعليمه القرآن واصول الفقه بنفسه, (عندما كبر الشيخ الصلحي وصار احد ابرز علماء معهد امدرمان العلمي وتفقه في العلم واحس بمتعة التبحر في العلوم الدينية وحل المسائل الفقهية المعقدة, اخذ يذكر اخاه القاضي الباقر ويقول "اخونا الباقر كان عالم جليل وهو ولي نعمتنا") يقصد بذلك اصراره عليه بان يمتهن تعلم الفقه. زوج القاضي الباقر ابنيه موسى وجعفر لابنتي الشيخ الصلحي فاطمة وآمنة وابنته آمنه لأبن الشيخ الصلحي الأكبر أحمد .
• عندما بدأت اول لبنة لتأسيس معهد امدرمان العلمي وذلك حينما عين حاكم السودان العام سنة 1901 لجنة من العلماء برئاسة الشيخ محمد البدوي كلجنة استشارية للشئون الدينية, كان العلماء اعضاء هذه اللجنة يقومون بتجميع عدد من الطلاب ويقومون بتدريسهم بمنازلهم او بالجامع الكبير بامدرمان. طلب القاضي الباقر من اخيه محمد الصلحي ان يلتحق بمجموعة الشيخ محمد البدوي ففعل واستمر ينهل العلم منه الى عام 1912 حيث اسندت رئاسة اللجنة ومشيخة العلماء للشيخ ابوالقسم احمد هاشم الذي جمع العلماء والطلاب وصنف الطلاب حسب مستوياتهم وكون معهد امدرمان العلمي واصدر لائحة لتنظيم سير الدراسة.
• بدأ الشيخ الصلحي بالتدريس بمعهد امدرمان العلمي وهو طالب بالصف النهائى بالمعهد عام 1916 إذ تم اختياره هو والشيخ محمد الباقر لتميزهما على اقرانهما بواسطة شيخ العلماء آنذاك الشيخ ابوالقسم احمد هاشم لتدريس طلاب الصف الثاني (وطلب من الخمسة طلاب الذين تبقوا من دفعتهم القيام بتدريس طلاب الصف الاول).
• عندما بدأ القسم العالي بمعهد امدرمان العلمي في عام 1920 وصار المعهد يمنح الشهادة العالمية عام 1924. تحصل الشيخ محمد الصلحي على الشهادة العالمية واستمر بالتدريس بالمعهد العلمي, واسند اليه تدريس السنوات العليا ( الحادية عشر والثانية عشر) وذلك لتميزه في تدريس مختصر الخليل في مذهب الامام مالك. وافاد ابنه الاستاذ ابراهيم الصلحي ان والدة تخصص بمختصر الخليل في مذهب الامام مالك وهو منهج عالي التخصص وكان يتميز بتدريسه لذلك المنهج. ولهذا كان زملاءه يلقبونه بمالك الصغير وذلك لاستيعابه العميق لمذهب اللامام مالك. بعد ذلك بدأت المرحلة الجامعية بالمعهد عام 1957 وتطور الي كلية للدراسات الاسلامية عام 1963م.
تميزه:
• تنبه الشيخ محمد البدوي لتميزالشيخ الصلحي في نهل العلم واستيعابه وتفوقه على اقرانه لذلك طلب منه ان يمتهن التدريس حتى لايضيع علمه في المهن الاخرى مثل القضاء والوظائف الادارية بالرغم من انها كانت مرغوبة في ذلك الوقت. فإمتثل الشيخ الصلحي لرأي شيخه واستاذه وعمل بالتدريس بمعهد امدرمان العلمي فكان من الاساتذة الكبار الذين اسسوا للتعليم الديني والفقهي في السودان.
• تم منح (لباس التشريفة) للشيخ الصلحي والتي كان يرتديها عند ذهابه لتلبية الدعوات بسراي الحاكم العام في المناسبات الهامة آنذاك (وهي رداء خاص يلبسه علية القوم في المناسبات الرسمية) تم رفع درجة التشريقة للشيخ الصلحي مرتين و بعد وفاته تعرض اللباس للتلف قام ابن اخيه الاميرالاي عثمان حسين عثمان باستبدالها من القصر الجمهوري باخرى وتم حفظها بمنزله حتى الآن .
• كانت لدى الشيخ محمد الصلحي خلوة لتدريس القرآن بمنزله بحي العباسية غرب شارع الاربعين تلقي فيها العديد من الطلاب العلوم الدينية وحفظ القرآن وكان طلابها يتميزون بجمال الشرافات التي كانت ترسم على الالواح بعد ختم اجزاء القرآن. اذ كان الشيخ الصلحي يشرف على تصميم رسمها بنفسه. كانت كثير من الاسر تتفائل بان يقوم الشيخ الصلحي بعقد قران الزواج لهم, وبعد ان يفعل, يتم التسجيل عند ماذون رسمي.
اقرانه وصحبته:
• عندما كان يتلقى الشيخ الصلحي العلم على يد الشيخ الجليل ود البدوي (كان ضمن تسعة من العلماء اشهرهم السيد عبد الرحمن المهدي الذي كان يكن حباً كبيراً و احتراماً للشيخ الصلحي ويقول عنه هذا اخي ويطلب منه الجلوس بجانبه مباشرة في المناسبات الهامة ) بالرغم من العلاقة القوية لوالد الشيخ الصلحي وجده القاضي عربي بالشيخ محمدعثمان الختم وانتمائهم للطريقة الختمية. وكان من بقية زملاءه بالمجموعة التي درسها الشيخ محمد البدوي, الشيخ قريب الله والشيخ اسحق الشيخ حمد النيل والشيخ بكار والشيخ الامين الترابي والشيخ محمد الباقر (والد الدكتور كامل الباقر).و من اشهر من تتلمذ علي يد الشيخ محمد الصلحي الشيخ مجذوب مدثر الحجاز, الشيخ ابوسبيب ,الشيخ الصائم ديمه وكذلك البروفسير علي شمو.
• كان كبار علماء معهد امدرمان العلمي يحضرون اليه بمنزله لمناقشة المسائل الفقهية المعقدة والتي كانت تستمر احياناً لعدة ايام ويكون اهل البيت على اهبة الاستعداد لخدمة الضيوف خلال تلك الفترات.
• من اقرب اصدقاء الشيخ محمد الصلحي اليه , السيد محمد الباقرالذي كان يحضر اليه دائما ليرافقه للدعوات الرسمية والشيخ اسحق بن الشيخ حمد النيل الذي كانت له معزة كبيرة في نفسه وكانا مثالا للاخوة الصادقة . كان يذهب الشيخ الصلحي لزيارته الشيخ حمد النيل الوالد في قبره وشهد الناس انذاك كرامات الشيخين الجليلين حيث كان يجري حوار بينهما في تلك الزيارات. ممن شهد بذلك ابنه المرحوم المهندس خليفة الصلحي الذي ذكر "بأنه عندما كان صبي صغير أخذ والدة الشيخ الصلحي لزيارة قبر الشيخ حمد النيل وبقي في الخارج ممسكا بالحمار ولكنه ذكر بانه كان يستمع للحوار الذي كان يدور بينهما بوضوح ", رحمهم الله جميعاً واسكنهم فسيح جناته. اهدى الشيخ اسحق حمد النيل الي الشيخ محمد الصلحي قطعة ارض زراعية غرب امدرمان القديمة تقع شمال مقابر الشيخ حمد النيل الحالية وهي المنطقة التي بنيت عليها جامعة امدرمان الاهلية الحالية.
ا بناءه :
• السيد أحمد الصلحي-الاستاذ الشيخ علي الصلحي-السيد عثمان الصلحي- الاستاذ عربي الصلحي-مهندس الري المستشار خليفة الصلحي- التشكيلي العالمي الاستاذ ابراهيم الصلحي-الاستاذ حسن الصلحي. اما بناته الفضليات فهن : السيدة فاطمة الصلحي- السيدة آمنة الصلحي-خبيرة التراث الشعبي الاستاذة سعدية الصلحي- السيدة مريم الصلحي.
ايامه الاخيرة ووفاته:
• بعد أن احيل الشيخ الصلحي للمعاش لم يترك عمله ولكنه استمر في عطاءه وإستمر بتدريس طلابه في معهد امدرمان العلمي ومناقشة المسائل الفقهية الى آخر ايام حياته, متبرعاً من غير اي عائد مادي. ترك الشيخ الصلحي مكتبة عامرة أشرف عليها بعد وفاته ابنه الاصغر الاستاذ حسن الصلحي. تحتوي هذه المكتبة على كتب علمية نادرة في الفقه واهم ما بها الحواشي التي كان الشيخ الصلحي يداوم على كتابتها الى أوآخر ايام حياته.
• توفي الشيخ محمد الصلحي بمنزله صباح 18/ اكتوبر 1964 ودفن بمقابر الشيخ حمد النيل رحمة الله علية واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولائك رفيقا.
• تقرر تسليم المكتبة الى دار الوثائق حتى يتم حفظها بالطريقة الصحيحة ويستفيد منها كل طلاب العلم كصدقة جارية لصاحبها رحمه الله.
د. نبيلة موسى الباقر :ابنة السيدة الفضلى فاطمة محمد الصلحي عثمان/ اكتوبر 2010
Nabiela Elbagir http://www.facebook.com/album.php?aid=2091325&id=13 26400118&l=b60d470985
لنك صور تسليم مكتبة الشيخ الجليل محمد الصلحي عثمان لدار الوثائق السودانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق